يهودي، ومتعلم فاشل، وفتاة عابثة، وماجن مستهتر، وعامي جاهل، ومشاغب يبيع الشغب لمن يشتريه، ومسخ مشوه منبوذ من الحياة …
هذا هو قوام كل مجموعة شيوعية توجد في مصر أو في غيرها، فلا تخلو «الخلايا» الشيوعية من أصناف هذه التشكيلة، وقد يكون الشيوعي الواحد تشكيلة كاملة من جميع هذه الأصناف.
وكل شيء يمكن أن تدعيه هذه المخلوقات فيصدق … إلا أنهم محبون للخير مخلصون لبني الإنسان غيورون على الإنصاف.
ولن يعجب أحد إذا قيل له أن هذه «اللمامة» البشرية تسعى إلى الخراب، وأنهم يدينون بالشيوعية لأنها ترضي في نفوسهم تلك النزعة إلى التخريب.
أما أن يقال، ولو من قبيل الخيال، إن هذه اللمامة هي التي تنشد الخير وتصلح نظام الاجتماع فذلك من وراء التصديق، ومن وراء المعقول.
وكلهم معقولون مفهومون إذا كان التخريب هو الغاية التي يسعون إليها.
لأن اليهودي يستفيد من هدم المجتمع أن يستولي على العالم الذي لا أثر فيه للأخلاق أو للعقائد أو للوطنية أو للأسرة.
والمتعلم الفاشل يحقد على الناجحين فلا يبالي أن يشفي غليل الحقد بكل مصيبة تسوي بين الإخفاق والنجاح.
والفتاة العابثة تهدم المجتمع الذي يسميها على الأقل عابثة وتتطلع إلى المجتمع الذي يسميها «بطلة» أو رائدة من رواد التقدم والتحرر من قيود الآداب والأخلاق.
والماجن المستهتر بطل كتلك البطلة حين يصبح الأدب وضبط النفس نكسة إلى الوراء وجمودًا يعاب.
والعامي الجاهل تابع لكل ناعق.
والمشاغب المتاجر بالشغب صاحب بضاعة يعرضها في كل سوق، ولا سيما السوق التي تضاعف له الثمن وتغنيه عن الكدح الشريف. والمسخ المشوه لديه من أسباب التخريب ما لا يحتاج إلى بيان.
كل هؤلاء معقولون على وصف واحد للشيوعية، وهي أنها حركة نقمة وتخريب.
وما من شيء يدل على طبيعة هذا المذهب المدمر كما تدل عليه طبائع الذين ينتمون إليه.
ولهذا قلنا جادين من قبل، ونقول جادين اليوم، إن أصدق تعريف للناس بالشيوعية أن يعرض الشيوعيون طابورًا في الطريق أو طابورًا على الورق، ونعني بالطابور على الورق كل عرض لهم يمثلهم للبصر والبصيرة على مثالهم الصحيح.
***
ولن تلقى من هؤلاء أحدًا يعرف الشيوعية معرفة بحث وتحقيق.
فإن وجدت منهم من قرأ بعض الكتب فيها، أو أحاط بما نشره كارل ماركس ولنين وغيرهما من «فلسفتها» … فلن تجد الباعث له على الإيمان بها فكرة صالحة للإقناع.
فما من فكرة صالحة للإقناع تقنع أحدًّا سليم العقل والنفس بتقويض المجتمعات الإنسانية كافة تنفيذًا لحكم قضى به فيلسوف واحد أو مائة فيلسوف.
أليس للعصمة الفكرية من حدود؟
ألا يجوز — ولو خمسة أو ستة في المائة — أن يكون كارل ماركس على خطأ في التقدير؟
أيمكن أن تعتقد — مائة في المائة — أن ذلك اليهودي الماكر على صواب لا يحتمل المراجعة إذا كانت المسألة هدم كل بناء أقامه بنو الإنسان في كل ما مضى من العصور؟
كل فكرة لغط بها كارل ماركس وأتباعه هي في الواقع محل بحث طويل وشك كثير:
القيمة الفائضة. حرب الطبقات. الديالكتيك المزعوم. أصل المادة. أصل الأسرة. أصل الدين. أصل كل شيء من الأشياء … كلها جدليات في جدليات.
ولكن الشيوعي «المفطور» يؤمن بهذه الجدليات إيمانًا لا يسمح بذرة من الشك ولا بشيء من الحيطة والمراجعة.
لأن هدم العالم مسألة في طبيعته الممسوخة لا تستحق عناء التردد والبحث الطويل.
فهو لا يؤمن بالشيوعية على قدر ما في عقله من برهان بل على قدر ما في نفسه من الهجوم على الخراب.
اخربها وانظر …
وماذا لو خربتها ونظرت فظهر أن كارل ماركس قد اختل ميزانه هباءة أو هباءتين؟
لا ضير. لا ضير. فغاية ما هنالك أنه عالم خرب … وهل في ذلك ما يستحق عناء التردد والشك والانتظار؟!
ذلك هو قوام التشكيلة الشيوعية.
وفي كل يوم تتجلى حقيقتها مع كل خلية يهتدي إليها البوليس، فهي لا تخلو أبدًا من يهودي ماكر، ومتعلم فاشل، وماجن مستهتر، وعامي جاهل، ومشاغب يتجر بالشغب، ومسخ تعافه الحياة.
أما الآونة التي يختارونها للعمل، ويضاعفون فيها النشاط، فهي الآونة التي يعمل فيها المسؤولون على الإصلاح، لأن الإصلاح يفقدهم الأمل في ترويج الدعوة إلى الخراب.
فهو أعدى لهم من الظلم والفساد.
وهم اليوم يضاعفون نشاطهم لأن حساب «المقاولة» التي يؤجرون عليها يقترب في أول الشهر القادم، وهو اليوم الذي يسمونه بعيد الصعاليك.
ولكنهم من قبل هذا نشطون.
وسينشطون غدًا كلما وسعهم النشاط، وكلما ضاعف المسؤولون نشاطهم في سبيل الإصلاح.
فإذا اشتد البحث عنهم فلتكن شدته في أعقاب كل مشروع من مشروعات الطمأنينة والرخاء. ولكن الباحثين عنهم سيبحثون حتى لا يجدوهم في يوم من الأيام، وهو اليوم الذي تستقر فيه الطمأنينة ويعم فيه الرخاء.