بين الاشتراكيين الديمقراطيين وبين الشيوعيين فرق ثابت في كل بلد ظهر فيه الفريقان.
هذا الفرق هو أن أعمال الإصلاح ترضي الاشتراكيين الديمقراطيين، ولكنها تسخط الشيوعيين أشد السخط وتثيرهم أعنف الثورة، لأنهم لا يريدون الإصلاح بل يريدون هدم المجتمع قبل كل شيء، ويشعرون بأن أعمال الإصلاح تحول بينهم وبين هذا الغرض الذي يقدمونه على جميع الأغراض.
ولهذا ينبغي أن يتوقع المسؤولون عن هذه الأمة نشاطًا مضاعفًا من جانب دعاة الشيوعية كلما ظهر في الأمة عمل نافع من أعمال الإصلاح، ومشروع جديد من مشروعات الإنصاف.
فهم أعداء أعمال الإصلاح ومشروعات الإنصاف، لأنها تبطل التذمر الذي يعتمدون عليه في نشر الفوضى والخراب.
وظاهر الأمر فيما يدعيه هؤلاء الشيوعيون أنهم يقومون بحركة اجتماعية تتطلبها فلسفتهم التي يسمونها بالفلسفة المادية.
وباطن الأمر أنها مكيدة صهيونية لا أكثر ولا أقل، ترمي إلى هدم العقائد والأخلاق التي تقوم عليها المجتمعات الإنسانية ليسود حكم المادة وحدها، وهو بالبداهة حكم «صهيون» وأبناء صهيون من سماسرة الأموال في كل مكان.
كان كارل ماركس — إمام الشيوعية أو الفلسفة المادية — يهوديًّا يقول بأنه لا يؤمن بالأديان.
ولكنه مع ذلك تحول عن دينه في الظاهر ليدين بالعقيدة المسيحية، سترًا لما يخفيه من خدمة الدعوة الصهيونية، وتوسلًا بهذا المظهر الخادع إلى هدم الحضارة الأوربية من داخلها.
وراح هذا الصهيوني الماكر ينشر مذهبه الذي يسميه بمذهب الإصلاح على المبادئ العلمية، فإذا بالإصلاح عنده لا يتحقق إلا بهدم الأديان وهدم الأوطان وهدم نظام العائلة من أساسه.
هدم الأديان لأنه يسميها أفيون الشعوب.
وهدم الأوطان لأنه الوطن في رأيه وطن الحاكمين وليس بوطن المحكومين.
وهدم العائلة أو الأسرة لأن العائلة كما يقول وسيلة من وسائل الاستغلال.
أما أن الأديان والأوطان والعائلة تستحق الهدم بحكم كارل ماركس فدون ذلك وينفق الحمار كما يقولون في الأمثال، وأقل ما يقال في مذهب هذا «الصهيوني» الخبيث أنه محل جدل كبير.
وأما الشيء الذي لا جدال فيه فهو أن الصهيونية لا تستفيد من شيء كما تستفيد من هدم الأديان والأوطان وتفكيك الروابط العائلية، لأن الصهيونيين يصبحون ملوك العالم لا محالة إذا صار الأمر كله إلى المال والمادة، في عالم لا يؤمن فيه الإنسان بقرابة ولا بوطنية ولا بدين.
لا عجب إذن أن نرى الصهيوني مليونيرًا مرابيًا يمتص دم الغني والفقير ثم يبشر بالشيوعية ويستميت في الدعوة إليها.
وهو لا يفعل ذلك بالبداهة لأنه يكره المال ويحب الإنصاف، ولكنه يفعله لأنه يريد أن يستولي على العالم هو وأبناء جلدته، حين يسقط الدين ويسقط الوطن وتسقط العائلة، ولا يبقى بين الناس شيء له حساب غير المادة والمال.
ولا عجب كما أسلفنا في خدمة اليهودي لمذهب يملك به زمام العالم.
ولكن ما بال أناس «غير اليهود» يخدمون المذهب الذي يضع زمام العالم كله في أيدي اليهود؟
ذلك أيضًا داخل في حساب الصهيوني الخبيث، فهو لا ينتظر من إنسان له خلاق أن يهدم العالم ليخدم الصهيونية من حيث يريد أو لا يريد.
لذلك تتجه دعوته دائمًا إلى أناس لا خلاق لهم من حثالة البشر.
تتجه دعوته دائمًا إلى أراذل الخلق من ذوي العاهات والمفاسد ولا فرق بين العاهات الجسدية والعقد النفسية في هذا الحساب.
ولن تجد شيوعيًّا أبدًا إلا وهو مطبوع على الحسد والكراهية، مصاب بعاهة جسدية أو عقدة نفسية، محب للتخريب لسبب من الأسباب، فلا يهمه أن يخرب الدنيا على من فيها من أجل جزاء قليل، أو ذهابًا مع شهوة التخريب ولو من غير جزاء.
أمثال هؤلاء هم الذين يعثر عليهم رجال الأمن من حين إلى حين في هذه الأيام على الخصوص،
ولأنها الأيام التي تتوالى فيها أعمال الإصلاح، ويتم منها ما يتم، وتؤخذ العدة لإتمام غيره في أمد قريب.
وبعد أن قاربت مدينة العمال في إمبابة أن تبلغ تمامها، ينبغي أن يترقب رجال الأمن نشاطًا من جانب الطغمة الماركسية التي لا تبغض شيئًا كما تبغض عوامل الرضا والارتياح والاطمئنان إلى الرجاء.
وسيجدونهم دائمًا كما عهدوهم شراذم من الفاسدين وذوي العاهات الجسدية والعقد النفسية، لا يهمهم ما يساقون إليه من خراب لأنهم قوم لا طاقة لهم بالعمار ولا عمل لهم فيه، وماذا عليهم أن تنعي الدار من بناها إذا كان الهدم هو كل ما يستطيعون، وكان لهم على ذلك أجر مضمون أو غير مضمون؟!