سأخاصم الدكتور الشميل وأعرض ذاتي لصواعق غضبه ولو مرة في حياتي. فقد رأينا في هذا العام حركة فلسفية، حركة في الأقلام فقط، فحمدنا وشكرنا وقلنا بدأنا بالنظريات فيوم العمليات قريب. ولكن جاء الدكتور علَّامتنا يسكب على سرورنا ماءً باردًا، وما أوجع الماء البارد في هذه الأيام المثلجة بلا ثلوج.
زار علَّامتنا الجامعة المصرية وحضر درس جناب الكونت دي جلارزا فبينما هو معجب بمعرفة حضرة الأستاذ للغة العربية ومادح أسلوبه الجميل السهل في محاضرته الراقية، ما زال يأسف لأن ليس هناك درس خصيص بموضوع النشوء والارتقاء. ثم سمع أو قرأ أن المفكر الكبير لطفي بك السيد آخذ في تعريب بعض كتب أرسطو إلى العربية، فتحركت في نفسه عواطف غرامه بمذهبه الأوحد فاحتج على صفحات «الأخبار» ولا احتجاج أمريكا على تغريق أبنائها ومراكبها، وقال يجب الاهتمام بمذهب النشوء والارتقاء لا بمذهب أرسطو المهدم.
يا سيدي العلامة إن فلسفة أرسطو لا تتهدم. إنها من أسس المذاهب الفكرية الكبرى المرقية المفيدة. ولعلها لو لم تكن هي وأمثالها لما اتصلنا بمذهب النشوء والارتقاء ولا كان ما تقدمها وما تبعها من المذاهب الأخرى. لعلنا لو لم تكن تلك المذاهب القديمة الخالدة، ما حصلنا في الشرق على فخر وجودك بيننا نحن الذين نعجب بك كثيرًا في حالي رضاك وغضبك، ونصمت على وجعنا يوم تنصب على رؤوسنا صواعق استيائك، ولا صواعق إله الأولمبوس في أشد حالات حنقه. ننحني أمامك في كل حال وهذا ما يدفعنا إليه إجلالنا لعلمك الوافر وفكرك القدير، ولكن ليس بوسعنا إلا الإشفاق على أرسطو المسكين وقد أمسكته (بشوشته) وأصبحت تشده منها بلا إشفاق ولكن (شوش) الفلاسفة متينة لا يقلعها حتى ولا فيلسوف قوي. أليس كذلك؟